الفصل الرابع والثلاثون والخامس والثلاثون(الضربة القاضية)
ظننت ان من يعشق سوف يغفر ولكن يبدو اننى كنت مخطئة..فأنت لا تعرف الغفران .
سولييه_نصار
ظل ينظر إليها مطولا …حاجبيه معقودان في عبوس …عقله يترجم كلماتها ..ما هو الحقيقة التي تريد اخباره بها …وهل هي حقيقة مختلفة عن تلك التي اخبرته بها جواهر…هل سيثق بهما مرة آخرى؟!!
ربع ذراعيه وقال:
-ويا ترى ايه الحقيقة اللي تديكم حق انكم تخد.عوني وتستغلوني انتِ وجواهر …ايه المبرر القوي اللي يخليكم تعلموا كده !!!أنا عن نفسي مش شايف أي مبرر للكدب والخداع …
ازدردت عبير ريقها وهي ترتعش بقوة بينما ترى هذا الرجل والنيران تندلع من عينيه…أرادت التراجع …أرادت الهروب ومئات الافكار تسيطر على عقلها …أفكار سيئة وجنونية ولكنها قررت التحلى بالشجاعة …فصديقتها جواهر تستحق هذا…تستحق ان تدافع عنها …
-ممكن تسمعني وبعدين تقرر..صدقني جواهر عملت اللي عملته عشان مجبورة ..
-مجبورة على ايه ؟!!
صرخ وهو يقترب منها بخطوات واسعة …عينيه تندلع منها النيران …تراجعت هي بخوف بينما تصاعدت دموع الرعب بعينيها …ازدردت ريقها وهي تقول :
-انا طالبة بس فرصة تسمعني وبعدين قرر …
ظل ينظر إليها بغضب وداخله صراع بين ان يسمعها وأن يطردها كصديقتها …أخيرا أغمض عينيه بتعب وقد قرر ان يسمعها …في داخله اراد ايجاد أي مبرر لجواهر لخداعه …لقد عاش الجحيم منذ ان طردها …يشعر بفراغ قاتل …لقد عرف ان مشاعره نحو جواهر أقوى بكثير من مشاعره نحو كارمن…الألم الذي شعر به عندما ابتعدت عنه لم يشعره من قبل …وهنا أخذت تسخر منه شياطينه …تذكره انه غبي …حقاً غبي للغاية …
لم يتغير …سيظل ساذج …الجميع يستطيع خداعه …الجميع يستطيع أن يستفاد منه …ولكن قلبه اراد يسمع …اراد يبرر…فالقلب في محنة أساسها العشق …وهو يريد التبرير لمعشوقته ….
ولقد انتصر قلبه أخيرا وقال بصوت جامد:
-اتفضلي اتكلمي …قولي كل اللي عندك يالا!!!
ابتلعت عبير ريقها وهي تستعد لقول كل شئ …لن تخفي عنه أي شئ ….
جلست على الأريكة وهي تتمالك نفسها لتستعد للتكلم …
نظرت إلى عدي الذي كان ينظر إليها بملامح جامدة وقالت:
-من أنا وصغيرة وماما انفصلت عن بابا واخدتني وعيشنا في فرنسا….نسيت كل حاجة عن مصر وعشت أنا هناك بس كنت اكتر حاجة بفتكرها وبزعل هي جواهر صاحبتي …ومرت السنين وكبرت وماما ماتت وقتها بابا جه وقالي هتنزلي معايا …أنا مكنتش عارفة أنه هيخونني …أنا افتكرت أنه عايز ياخدني لمصر لاني وحشته وعايزني اعيش معاه ..وانا بعد موت ماما الله يرحمها كنت محتاجاله اووي ..محتاجة لحضنه ومترددتش انزل معاه…بس بعد ما جيت مصر اكتشفت السبب اللي خلاه يجي فرنسا مخصوص عشانه …عرفت أنه عايز يجوزني عشان ينقذ نفسه …كان عايز يضحي بيا عشان نفسه …مفكرش في بنته …فكر في نفسه بس …انهارت وبكيت وحاولت امي بس هو حبسني …حتى أنه مد ايديه عليا ووقتها اقنعته اني موافقة وهربت بمساعدة جواهر …بس اللي مكنتش عاملة حسابه أنه يبتز جواهر عشان تتجوزك ويزور الورق بتاعها …
نظر إليها بشك وقال:
-وهز هيبتز جواهر ليه؟!وهي توافق ليه ؟!!!
نظرت إليه وعينيها رطبة بفعل الدموع وقالت:
-والدة جواهر عندها كانسر وجواهر استلفت من بابا مبلغ وكتبت على نفسها شيكات وكان بيهددها بالشبكات دي …
بهت عدي وهو. يسمع ما قالته ثم أكملت عبير بسرعة:
-والله يا استاذ عدي جواهر ما كانو عايزة تكدب وتخدع بس بابا استغلها وهددها. هي اضطرت ..هي عملت كده عشاني …عشان تساعدني …هي الوحيدة اللي ساعدتني لما بابا كان عايز يرميني وميسألش فيا ودلوقتي بابا لو عرف أنها قالتلك الحقيقة هيقلب الدنيا عليها …وهي اصلا ملهاش حد الا والدتها اللي تعبانة …أنا عارفة أننا غلطنا في حقك بس عشان اكون صريحة معاك ده برضه كان بسببك انت …انت صممت تتجوز واحدة متعرفهاش عشان تنتقم من أبويا …كنت قادر تنتقم منه من غير ما تدخلني في اللعبة دي …فمعلش انت كمان ليك يد في اللي حصل ….
ظل ينظر اليها بجمود …نظراته كانت فارغة تماما كأنها لم تتكلم ولم تخبره كل الحقيقة للتو …شعرت عبير باليأس قليلا ولكنها فكرت أنها قالت كل الحقيقة لعدي والان هي يمكنها أن تريح ضميرها …ولكن قبل هذا يجب أن تبحث عن جواهر التي اختفت تماما!!!!
أخرجت عبير من حقيبتها قلم وورقة ثم دونت رقمها وقالت:
-حضرتك لو حابب تتواصل معايا ده رقمي الشخصي اتصل بيا وبتمنى تسامحنا على اللي حصل …بس عندي طلب اخير …بلاش تتكلم على قصة التزوير قدام حد لو البوليس عرف جواهر للاسف هي اللي هتتحبس مع بابا وانا مش عايزة أنها تتدمر بسببي …فده طلب مني. لو سمحت يعني !
هز رأسه وهو يأخذ رقم الهاتف منها لتذهب هي من أمامه…جلس هو على الأريكة بإنهيار …ما سمعه غير تفكيره تماما أنها ضحية مثله تماماً…ولكنه أعطاها العديد من الفرص كي تتحدث ..لماذا صمتت …لماذا لم تتكلم هل أصبحت تخاف منه لتلك الدرجة !!!!دعك عينيه بتعب وهو يفكر اين هي الآن ولماذا لم تأتي مع عبير لتشرح له الأمر …لماذا اختفت من محيطه. و لم تحاول مجددا أن توضح له الأمر …تنهد بتعب وهو يفكر أنها حتى لو تعرضت للظلم هذا لا يبرر كذبها عليه …لقد أعطاها العديد من الفرصة لتتحدث وتولى هو حمايتها !!أعطاها قلبه ومشاعره …كان مستعد لجعل العالم تحت قدميها ولكنها لم تعترف …فضلت أن تكون جبانة !!!ام عجبها أن تخدعه …هل كانت ستشعر بالتميز ؟!…
وضع كفيه على رأسه وهو يشعر أنه سوف يجن…لا لايجب أن يفكر أكثر من هذا …يجب أن يعرف أن شخصا واحده السبب في تلك الفوضى وهو شريف …شريف الذي اعتقد أنه يمكنه خداعه …لقد عفا عن شريف من قبل ولكن ليس تلك المرة …شريف سوف يدفع الثمن غاليا…هو سوف يعاقبه على ما فعله …فقط ليفكر في العقاب المناسب له …شريف يجب أن يعاقب بسبب ما فعله له …يجب أن يعاقب لانه خداعه مرتين !!!
……….
في مركز التجميل….
-اصحي يا جواهر اصحي يا حبيبتي …
قالتها ميريهان وهي تحاول أن تجعل جواهر تستيقظ …كانت جواهر نائمة على الكرسي المتحرك الخاص بمركز التجميل …متدثرة بلحاف خفيف …يوجد على وجنتها أثر للدموع وكأنها بكت لمدة طويلة …نظرت إليها ميريهان بشفقة وهي تحاول أن تجعلها تنهض مجدداً…
اخيرا استجابت لها جواهر ونهضت وهي تنظر لميريهان وتقول بلطف بالغ وصوت مبحوح ،:
-صباح الخير يا مدام ميريهان ..
ثم نهضت من الكرسي وهي تشعر ان عضلات جسدها قد انسكرت …
-صباح النور يا جواهر …اخبارك النهاردة .!!
-الحمدلله يا مدام ميريهان أنا كويسة …
-قومي يا حبيبتي اغسلي وشك في الحمام وتعالي عشان تفطري يالا بسرعة …
هزت جواهر رأسها وهي تتجه نحو الحمام …دخلته وفتحت صنبور المياه وغسلت وجهها جيدا ثم جفتته وخرجت لتجلس مع السيدة ميريهان…
…
ذهبت وجلست مقابلها وهي تتناول طعامها بهدوء …فجأة نظرت إلى ميريهان وقالت:
-شكرا يا مدام ميريهان ..شكرا لانك ساعدتنيني أنل مش عارفة من غيرك كنت عملت ايه…شكرا بجد!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
خرجت من القصر الخاص به وهي تتنهد بتعب …رغم ان هذا كان صعب ولكنها على الأقل ربحت ضميرها من جهة جواهر …المسكينة تعذبت كثيرا بسببها …جواهر خسرت حب حياتها لتنقذها هي وهذا أقل ما تفعله لها ..ولكن الأمر لم ينتهي بعد يجب أن تثبت انها هي عبير صديق …فهي الآن زوجة عدي حسب الاوراق التي زورها والدها وعدي لم.يعرض مساعدته في هذا الأمر …الحقيقة انه لم يتكلم من الأساس …فبعد ان اخبرته كل الحقيقة كاملة ظل صامتاً …ينظر إليها بعيني فارغة ووجه جامد وهى من الأساس لم تتوقع.منه شئ بل أرادت اخباره حتى تبرئ جواهر امامه لكي يعرف ان جواهر لم تقصد خداعه بل ضحت بنفسها من أجلها هي …دعكت عينيها بتعب وهي تكمل سيرها ورأت على مقربة منها أمير…أمير الذي رفض أن تأتي بمفردها بل أتى معها …اعطته ابتسامة قصيرة لتجد على وجهه إمارات الراحة واقترب منها بسرعة وهو يزفر براحة ويقول:
-الحمدلله افتكرته انه ممكن يحبسك عنده عشان كده.كنت عايز ادخل معاكي !!!
ابتسمت عبير له وقالت:
-مظنش انه شيطان زي ما بيقولوا يا أمير …ه. معملش أي حاجة تزعجني بالعكس سابني بهدوء وانا قدامك اهو متقلقش بس بتمنى يقدر يساعد جواهر المسكينة … البنت منهارة اووي …وابويا لو عرف انها اعترفت لعدي هيقلب الدنيا فوق دماغها …أنا خايفة اووي يا أمير…..خايفة لبابا يعمل حاجة لجواهر …أنا لازم ادور على جواهر والاقيها بس المشكلة تليفونها مقفول وانا مش عارفة اتواصل بيها ازاي. ..أنا خايفة يا أمير ….
-متقلقيش بإذن الله ..هنلاقيها بأمر الله المهم أنتِ متخافيش …
قالها بصوته المطمئن لها فابتسمت له …ماذا كانت ستفعل لو هو غير موجود في حياتها بالتأكيد كانت ستجن …انه حقا مهم لها…..مهم جدا …هو من يدعمها …يقف بجانبها …لا يجعلها تشعر بالهلع .أنها تعشقه كل يوم أكثر من اليوم الذي قبله…وهي تشكر الله يوميا لأنها حصلت عليه وتتمنى أن تتزوج به هو …فقط هو …
-روحتي فين مني ؟!
قالها أمير بحيرة لتهز رأسها بالنفي وتقول :
-مفيش حاجة يالا نمشى من هنا …
وبالفعل ذهبوا مسرعين واستقلوا سيارة الأجرة ..!!
…..
في مركز التجميل…
انتهت جواهر اخيرا من تناول افطارها ونظرت إلى ميريهان بإمتنان وقالت:
-اوعدك بس تتسهل الظروف همشى من هنا …أنا عارفة امي متقلة عليكي …
-ايه يا بت مالك …ده أنتِ لسه جاية امبارح يا بت وبعدين يا اختي أنا عملت ايه يعني ؟متبقيش اوفر يا جواهر …
أطرقت جواهر برأسها فأكملت ميريهان وهي تشد على كفها :
-اقعدي هنا قد ما تحبي …محدش هيكلمك ومحدش هيسألك…ووقت ما تكوني مستعدة تمشي امشي …بس متحسيش بالكسوف …واشتغلي هنا معانا وباتي هنا كمان…
تنهدت جواهر وهي تنظر إليها …فها هي قد خلت لها مشكلة كبيرة…ولكن الى متى سوف تهرب …شريف سوف يحضرها عاجل ام اجلا وحينها سوف يدمرها …يمحيها من على وجه الأرض ….وايضا عدي …عدي لن.يمرر لها ما فعلته …بالتأكيد سوف يعاقبها على ما فعلته …لانها خدعته !!! ..
-جواهر روحتي فين ..
قالتها ميريهان بصوت مرتفع نسبيا لتخرج جواهر من شرودها وتقول :
-انا هنا يا مدام …ماشي موافقة وهشتغل هنا …ينفع ابدأ من دلوقتي . .
ابتسمت ميريهان وقالت :
-اكيد طبعا …
هزت جواهر رأسها وهي تمسك ثياب العمل وتذهب للحمام كي ترتديها …
بعد قليل خرجت وهي ترتدي ثياب عملها وتمسك المكنسة وتبدأ في تنظيف مركز التجميل وهي تغلق عقلها عن التفكير في أي شىء …لو ظلت تشكر السيدة ميريهان عشر أعوام على ما فعلته معها لن يكفي ابداً…هي لن تنسى انها احتضنتها في الوقت الذي لفظها فيه العالم .. تذكر ت كيف اتت لهنا بعد أن طردها عدي …كانت تبكي بقوة …كانت مقهورة ويبدو عليها البؤس ….لم تفكر ودخلت مركز التجميل وكان أول من استقبلها السيدة ميريهان التي لم تسأل عن أي شئ ولم تعاتبها بسبب اختفائها المفاجئ ويبدو أن لا أحد يعرف بقصتها مع عدي …ولا احد رأى تلك الصور التي تم نشرها على الانترنت …..وهذا جيد…ربما يمكنها نسيان كل شئ والبدء من جديد!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-عايزة افهم حضرتك جايبني وحا بسني هنا على أساس ايه ؟!
صرخت ورد بياسين الجالس على أريكته بإرتياح يمسك طبق كبير به فشار بينما يتابع احدي المسرحيات التي يحبها …ولم يعطيها أي انتباه …شدت ورد على اسنانها وودت لو تلكم وجهه ….الو غد يتجاهلها …
-بقولك رد عليا يا ياسين …
صرخت وهي تطيح طبق الفشار من بين يديه لينكب على الأرض بينما يتحـ طم الطبق بدوي مرتفع ….
تصاعدت النير ان بعينيه وشعر بغضب لا يمكن السيطرة عليه …شيطا نه اخبره ان يضر بها…يضر بها ويفرغ غضبه.بها…ولكنه بشق الأنفس سيطر على نفسه ونهض وهو ينظر إليها بدون رضا ويقول بصوت جامد:
-ورد أنا بحبك ومتمسك بيكي وبعمل المستحيل عشان احافظ على جوازنا …أنا عارف أن فيه مشاكل بيننا يمكن أنا مش قادر تلمس ايه المشكلة بالضبط… وبحاول اعدي تجاوزاتك معايا …بحاول افتكر الحلو اللي عشته معاكي وبصبر …بس أنا مش هصبر كتير يا ورد على تصرفاتك دي زي ما بيقولوا أنما للصبر حدود وانا صبري ليه حدود برضه ياريت تحترميها…
-طيب وليه جاي على نفسك كده ما قولتلك طلقني وارتاح يا ياسين …طلقني …
زفر بضيق وقال:
-اللهم طولك.يا روح ..يا بنتي الله يهديكي بطلي استفزاز ..أنا مش هصبر عليكي كتير ..
-محدش قالك اصبر ..
قالتها وهي ترفع وجهها له …عينيها البنية تبرق بعداء …تنهد ياسين وهو ينظر إليها …انها مختلفة عن المرأة التي عشقها وبدأ يقتنع أكثر بكلام أمجد ووالدته …ربما ورد الآن ليست بوعيها بالفعل…ربما يكون كلامه عن السحر صحيح …ربما هي تعاني بطريقتها …تنهد هو بتعب وقال :
-صابر عشان.بحبك …
-محدش قالك تحبني …
قالتها بفظاظة شديدة …كانت مصرة على اخراج اسو أ ما به ولكنه لم ينقاد لإستفزازها …قرر ان يصبر….ورد تستحق ان يصبر من أجلها …
ابتسم ابتسامة ساحرة واقترب منها ثم قبلها على وجنتها وقال بلطف:
-للاسف يا ورد الحب مش بإيدينا …قلبي بيحبك وانا مليش على قلبي سلطان …مفيش سلطان على القلوب الا ربنا …
تراجع غضبها قليلاً واكتسى وجهها بالشعور بالذ.نب ….هي لا تعرف لماذا تعامله بتلك الطريقة السيئة …هي تعرف انه لا يستحق أبدا ان يعامل بتلك الطريقة…ولكن هي لديها كر ه غريب نحوه ..كر.ه لا تعرف سببه …دعكت عينيها وهي تشعر بالتعب …انها تمر بضغط عصبي تتمنى أن ينتهي قريبا …
كان ينظر إليها بشفقة …شفقة عليها وشفقة على الحال الذي وصلوا إليه…كانت حياتهما مثالية …صحيح لا تخلو من بعض الجدال ولكن الجدال معها كان يجعله عاشقاً لها اكثر …ولكن الآن كل شئ تغير …انه يبحث بجنون عن الحب بعينيها ولكنه لا يجده …وهذا نوعا ما يحط ـم قلبه …ولكن ان أتى أمجد واثبت انها مسحو رة وان جوري هي السبب سوف يمسك برأس جوري ويقتلعها من مكانها …تلك المجنو نة المخـ تلة!!!
-متفكريش كتير !!
قالها بلطف شديد ثم أمسك كفها وجذبها لغرفة النوم …اتسعت عينيها بحذر وقالت بهجوم:
-أنت جايبني هنا ليه ؟؟ها قولي بتفكر فيه ايه ؟!
نظر إليها ببلاهة وقال:
-أنتِ ليه محسساني اني شاقطك وجيبتك البيت عندي وقولتلك امي تعبانة وبعدين تكتشفي اني خدعتك عشان اسلب منك أعز ما تملكي…فوقي يا ماما انتِ مراتي …مراتي وحامل بإبني فلو عايز حاجة كدا ولا كدا هتكون حقي يا غبية …
نظرت إليه بضيق فاكمل بعبوس:
-عموما يا اختي أنا مش بفكر في اللي بالك ده أبداً أنا راجل محترم… انتِ بقا اللي مخك كده دايما حادف شمال وبتظني فيا اوحش ظن وانا مفيش حد مؤدب قدي …
رفعت حاجبيها بإستنكار ليبتسم ويقول :
-انا جايبك الأوضة عشان ترتاحي شوية بدل ما أنتِ عاملة زي فرق لوز كده …متنسيش أنك حامل في ابني وعايزين الواد يجي سليم ويطلع عاقل زي أبوه مش مخه ضارب زي أمه…
لم تجادله اكثر من هذا فهي بالفعل كان لديها صداع شديد بسبب الجدال معه …هو حقاً عنيد وهي لن تستطيع أن تتفوق عليه بأي نقاش….
-رايحة ارتاح اهو …ما أنا مش هاخد من الجدال معاك الا و جع الدماغ …
ابتسم بإنتصار وقال:
-نصيحة من مهندس ذكي متجادليش مهندس لانه أذكى منك وهيعرف يغلبك في الكلام …العبدلله عشان متواضع مبيحبش يتكلم عن نفسه كتير وقد ايه هو ذكي ومفيش منه
-آه فعلا انت متواضع جداً …باين وواضح.أووي للاعمى …
-صحيح يا قلبي واضح جداً ..المهم يا مزة أنا رايح دلوقتي اسخنلك الشوربة اللي أمي بعتتها لينا عشان تتغذي وتعرفي تجادلي بدل ما انتِ بتجادلي على معدة فاضية …
ثم تركها وخرج من الغرفة … ..
بينما هي اتجهت الى الفراش وتسطحت عليه وهي غارقة في تفكيرها …تشعر بالدموع تلسع عينيها …تشعر انها تختنق بالفعل وكأن شئ بغيض يجثم على قلبها …هي تشعر بالضيق لانها موجودة هنا …عندما كانت عند والدتها كانت مرتاحة قليلا ولكن الآن تشعر ان جدران الغرفة الواسعة تضيق عليها فتخنقها …انسابت دموعها وهي تغمض عينيها بتعب …ترغب ان تنام…ترغب ان تهرب من كل شئ …وبالفعل غرقت بالنوم …
…….
في غرفتها …
كانت تمشط شعرها الطويل وهي تغني احدى اغاني أم كلثوم …بينما ابتسامة رائعة تحتل شفتيها …تشعر بالسعادة والراحة وكأن لا شئ يشغل بالها .. ..فجأة شعرت بذراعين تحيط بخصرها وأحدهما يضع شفتيه على وجنتيها …ابتسمت بسعادة وأغمضت عينيها وهي تقول :
-ياسين …
ثم استدارت لتتسع عينيها بصدمة وهي تجد علي الذي أخذ يقترب منها ويقول :
-علي مش ياسين …
ثم لمس وجنتها وهو يقترب بشفتيه منها …
-لااااا…
انفلتت تلك الصرخة من بين شفتيها وهي تفتح عينيها ليتراجع ياسين بتوتر وهو يراها تنهض بتلك الطريقة …عندما دخل ووجدها نائمة بسلام وضع الطعام على جنب وجلس بجوارها وهو يتأملها نائمة بسلام ولم يستطع مقاومة ان يلمسها ويقبلها …لقد اشتاق ان يقترب منها لهذا الحد ولكن صرختها المفاجئة صدمته…
كانت تتعرق هي وتلهث بقوة …رباه ما هذا الكابوس …انها دائما تحلم به …
&فيه ايه يا ورد مالك ؟!
كان ياسين ينظر إليها بصدمة …ابتلعت ريقها وقالت بصوت خافت :
-كابوس …مجرد كابوس ….
هز رأسه بتفهم وجلس بجوارها مرة آخرى وهو يمسك كفيها ويقول:
-طيب أنا سخنت الشوربة وحاولت اطلع بأقل الخساير تحبي تأكليها ..
هزت رأسها بهدوء لينهض بسرعة ويجلب الحساء ثم يضعه على الفراش ثم شرع بإطعامها ولكن هي ازاحت رأسها وهي تقول بنبرة باردة قليلا :
-معلش يا ياسين أنا عايزة اكل لوحدي …لو سمحت …
ابتسم في وجهها ولم يظهر جر حه منها وقال:
-طبعا يا حبيبتي اللي تشوفيه …
ثم ترك لها الملعقة وجلس على المقعد المقابل وهو يتأملها بعمق …متى ستنتهي مأساته معها …فجأة تذكر انه يجب أن يتحدث مع أمجد لكي يأكد عليه موعد حضوره …
نهض فجأة وهو يمسك هاتفه ويخرج من الغرفة ويتصل بأمجد …انتظر بصبر حتى رد أمجد على اتصاله…
-شيخ أمجد اخبارك ايه ؟!
-اهلا اهلا يا باشمهندس ايه قدرت ترجع زوجة حضرتك للبيت…
هز ياسين رأسه وقال:
-ايوة يا شيخ قدرت ارجعها الحمدلله..كده حضرتك هتجيلنا امتى ؟!
-بكرة بأمر الله ..
اتاه الرد من الناحية الآخرى ليبتسم براحة ويقول:
-تمام اووي يا شيخ مستنيك هبقى ابعتلك العنوان واتصل بيا كمان عشان اجهز نفسي …
-تمام ..
ودعه ياسين آخيراً وهو ينتظر قدوم الغد بفارغ الصبر
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-فرحك بعد أسبوع !!!!
صرخت بها ليان بحماس عند خروجهم من الجامعة …
-ششش يخربيتك هتفضحينا !!
قالتها نسرين وهي تضع كفها على فم ليان وتضحك …شتان ما بين حالها بالأمس وحالها اليوم …ففؤاد استطاع محو التعاسة من قلبها ولو للحظات …لم يسمح لوالدها ان يأخذها معه بل صمم ان تمكث بمنزله هي ووالدته حتى زواجهما وفي الصباح الباكر أتى ليقلها الى الجامعة وفطرا سويا وهنا يتحدثان في ترتيبات زفافهما وقد اخبرها اليوم بشكل مفاجئ ان زواجهما بعد أسبوع …لقد صدمها ..كادت بالفعل ان تصاب بنوبة هلع بسبب ما فجره بوجهها …ما زالت تتذكر رد فعلها الهستيرية!!!
……
في مطعم صغير تنبعث منه أحد أغاني أم كلثوم ..كانا جالسان يتناولان فطورهما وهم يتحدثان بحماس عن ترتيبات الزفاف …ولكن فؤاد قال فجأة :
-كلمت عمي وطلبت أن الفرح يكون بعد أسبوع!!!
توسعت عينيها وهي تنظر إليه فقال مبتسماً؛
-متبصليش بعينيكي بالشكل ده تاني ؟!
-ليه …
قالتها بحيرة ليرد :
-عشان بيدوبوني …
احمر وجهها بقوة وتبعثرت الكلمات من على شفتيها وهي تشعر بالخجل الشديد بينما يغازلها بتلك الطريقة …أغمضت عينيها وهي تحاول تهدئة ضربات قلبها ومعدل تنفسها ثم فتحت عينيها وهي تنظر إليه بعتاب وتقول:
-متحاولش تغير الموضوع وتضيعني يا فؤاد …جواز ايه ده اللي بعد أسبوع …ايوة اتفقنا نقدم الفرح بس مش بالطريقة دي يعني !!!
-متقلقيش هنخلص كل حاجة قبل ميعاد الفرح الفستان جاهز وهحجز النهاردة القاعة…والبيت جاهز …ايه تاني ناقص ..
قالها فؤاد ببساطة لتتنهد وتقول بصراحة تامة:
-انا يا فؤاد …انا مش جاهزة خالص ..مش جاهز اتجوز…أنا خايفة…أنا بحاول ابينلك اني مبسوطة بالقرار ده ..بس لا أنا مش مبسوطة خالص ….مش جاهزة وحاسة بالخوف …خايفة اظلمك وعشان اهرب من ظلم بابا ليا اتجوزك.واظلمك معايا او أقصر في حقوقك …أنا خائفة يا فؤاد خايفة اووي …
ابتسم فؤاد بلطف ومد يده ثم شد على كفها وقال:
-خدي الوقت اللي أنتِ عايزاه في بيتي يا نسرين أنا مش هضغط عليكي …اعتبري أننا لسه.مخطوبين.واتعرفي عليا براحتك ..هنتجوز ونعمل كل حاجة سوا يا نسرين …اوعدك هخليكي اسعد انسانة في العالم …
الوعد في كلماته جعل قلبها يذوب بشدة ….لمعت عينيها بالدموع وقالت:
-أنا مستاهلش الحب ده كله ..
-لا أنتِ تستاهلي كل الحب اللي في العالم وانا هديكي.الحب ده يا نسرين بس خليكي معايا متبعديش عني …اديني فرصة أسعدك..
هزت رأسها وهي تبتسم له فجذب كفها وقبله…
…..
عادت من شرودها وهي تبتسم بحالمية بينما ليان تنظر إليها بخبث وتقول:
-يا سيدي يا سيدي شكل الحب ولع في الدرة زي ما بيقولوا …شكلك وقعتي يا نسرين على جدور رقبتك.في حب فؤاد …
احمر وجه نسرين بقوة..وضحكت بإرتباك لتكمل ليان :
-انا مرتاحة اووي انك لقيتِ حبك الحقيقي ..كنت واثقة ان يوسف من الترو لاف.بتاعك …
بهت وجه.نسرين لتعض ليان لسانها…لما هي بهذا الغباء ولا تنتقي كلماتها بعناية …تنهدت وقالت بأسف :
-أنا اسفة يا نسرين …أنا بجد غبية لما بتكلم مش بقف …سامحيني …
تنهدت نسرين وأغمضت عينيها قائلة :
-انا مش زعلانة منك يا ليان ..بس كنت بفكر في حاجة ..
-كنتِ بتفكري في ايه ؟!
قالتها ليان بفضول لترد عليها نسرين :
-كنت بفكر هو أنا فعلا ظلمت يوسف …هو حبني اووي وانا نسيته وروحت لغيره …أنا حتى بطلت أفكر فيه ..وحاسة بالذنب لانه مش قادر يتخطاني يا ليان …حاسة اني وحشة اووي…حاسة ان لعبت بيه زي حبيبته الأولى !!!
تنهدت ليان ووضعت ذراعيها حول كتف نسرين وهي تقول بهدوء:
-مفيش داعي. تحسي بالذنب ولا حاجة …انتِ مش غلطانة بالعكس هو اللي غلطان …هو اللي راح قال لعمو على علاقتكم وحطك في موقف صعب خلى باباكي يضربك وورطك قدامه … وبسبب اللي حصل فؤاد قرر يتجوزك عشان يحميكي ..بس أنا شايفة أنك مبسوطة دلوقتي يا نسرين فمش مهم الباقي …
-انتِ شايفة كده؟!
-انا مش شايفة غير كده …
قالتها ليان ببساطة وهي تبتسم لرفيقتها …نسرين تستحق كل السعادة …في الحقيقة هي لم تحب أبدا علاقتها مع يوسف …شعرت في كثير من الآحيان ان يوسف يبتزها عاطفيا…يستغلها لتكون جانبه ولكن حمدلله انها ارتبطت بفؤاد ..ربما فؤاد سوف يكون الشخص الأمثل لها …..
نظرت ليان لنسرين التي تبتسم بينما تقف امام الجامعة وتنتظر فؤاد كعادتها …قالت نسرين فجأة:
-احيانا بحس ان فؤاد كائن مش طبيعي …احيانا بحسه ملاك …طيب بطريقة غريبة..
-اه والله يا نسرين الواحد حاسس انه طيب لدرجة هيكون بيخدعنا في الاخر ويطلع سيريال كيلر …
انفجرت نسرين في الضحك بسبب كلمات ليان وقالت:
-اسكتي يا ستي هتشككيني في الراجل ليه ؟!
قطعت كلامها وقالت فجأة بفرحة طفولية :
-اهو فؤاد جه…تعالى نوصلك معانا بدل ما تستني السواق…
عرضت نسرين بينما فؤاد يوقف سيارته …ولكن ليان قالت :
-لا روحوا انتوا ..
هزت نسرين رأسها ولم ترغب أن تضغط عليها وقالت :
-تمام يا بيبي هكلمك لما أوصل سلام…
-سلام.
قالتها ببسمة ثم غادرت نسرين متجهة إلى فؤاد والإبتسامة تشرق على وجهها وما أن رآها فؤاد حتى أعطاها ابتسامة أكبر …
-ازيك ..
قالتها نسرين بوجه محمر من الخجل وهي تقترب منه بينما هو اخذ يتأمل ملامحها المتناسقة في انبهار ويبتسم ويقول:
-انا زي الفل ما دام شوفتك يا ست هانم …يالا عشان اغديكي وبعدين اروحك أنا قولت لماما ..
-انا مفلساك اول بأول على فكرة …
قالتها وهي تستقل السيارة وتضحك …ليركب هو بجوارها ويقول :
-يا ستي تعيشي وتفلسيني يا غالية …
ثم انطلق بهما مبتسما وهو يخلل أصابعه بين أصابعها ويشد على كفها وهنا شعر أنه ملك العالم بأكلمه …
……..
وصلا إلى مطعم الشاورما المفضل لهما …اجلسها على الطاولة بلطف ثم جلس أمامها وهو يبتسم ويتأملها …أتى العامل وأخذ طلبهما وغادر ثم عاد فؤاد لتأمل نسرين وكأنها متعته الوحيدة …تضجرت وجنتيها بدماء الخجل بينما يرمقها بتلك الطريقة وقالت في سبيل تشتيت انتباهه عنها قليلا ؛
-ايه حجزت القاعة اللي هنعمل فيها الفرح ؟!
هز رأسه وقال:
-لا بس شوف كام قاعة حلوة بكرة اخدك نتفرج عليهم واللي تعجبك نحجزها علطول …
-تمام ماشي …
قالتها بلطف وهي تنظر إلى النافذة ….
بعد قليل أتى الطعام وأصر ف،اد أن يطعم نسرين بنفسه …كان يطعمها ويشاكسها وصوت ضحكاتهما تسيطر على المكان …كانا.مشغولين للغاية لدرجة أنهم لم يلاحظوا وجود يوسف بالمطعم …كان ينظر
الى نسرين وفؤاد وقلبه يتمزق من الألم …لا يصدق أن من أحبه تجرحه بتلك الطريقة …هي أحبت فؤاد. …أحبت فؤاد ونسيته هو …هو لم.يكن أبدا مهم لديها ….
بتعب نهض من الطاولة ودفع الحساب وغادر ….أسرع إلى سيارته بينما الدموع تطرف من عينيه …كم هي قاسية !!!لقد نسيته بتلك البساطة …ابن حبها المزعوم له!!!اي وعودها بأنها سوف تبقى معه للأبد …اين كل تلك الوعود …هل نستها؟!..جلس بسيارته وهو يمسك المقود بقوة بينما الدموع تنفجر من عينيه أكثر فأكثر …انطلق بها ثم أخذ يضرب على المقود بغضب …اللعنة على الحب …اللعنة عليه !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بعد أن ذهبا نسرين وفؤاد …ظلت واقفة أمام باب الجامعة تشعر بألم في قلبها. ..أغمضت عينيها وقالت:
-وحشتني يا موسى. ..وحشتني اووي
ثم فتحت عينيها وهي تسمع صوت لقدوم سيارة أمامها …توسعت عينيها بصدمة وهي ترى أن تلك سيارة موسى …وهذا هو موسى …موسى ..حبيبها !!!
-موسى!!!
قالتها ليان وقلبها يرتعش داخل صدرها …كانت لا تصدق انه أمامها …فمنذ الأمس وهي في حالة سيئة بسبب ما حدث …ولكن برؤيته اليوم تشعر ان الألم الذي في قلبها تراجع …
-أركبي يالا …
قالها مبتسما لتهز رأسها وهي تنظر حولها خوفا من أن يأتي السائق ويراها معه ثم يخبر عدي وهي لا تريد هذا ….
استقلت السيارة سريعا لينطلق موسى بهما
….
في السيارة ..
كانت ليان تنظر إلى موسى وعينيها مشبعة بالدموع …تشعر وكأن أحدهما يعتصر قلبها بقوة …لقد اشتاقت له ولا تصدق انه ابتعد عنها …
-وحشتني اووي يا موسى …
جذب كفها وهو يقبله وقال:
-وأنتِ وحشتيني اكتر يا حبيبي …
-هنعمل ايه في …
-شششش مش عايزك تفكري في أي حاجة دلوقتي يا ليان أنا هتصرف مع عدي …أنا لما جيت عشان اشوفك عشان بس وحشتيني وكنت ناوي اشوفك وأمشي بس مقدرتش بصراحة …كنت عايز اقعد معاكي واتكلم معاكي واشبع منك
..وانا هكلم.عدي تاني. …اطمني انتِ مش هتكوني لحد غيري زي ما أنا مش هكون لغيرك …مرضية يا ملكة قلبي …
هزت رأسها وهي تمسح دموعها التي انسابت على وجنتيها…لن تنكر ان كلماته جعلتها تهدأ قليلاً…هي الآن ليست خائفة ..فهي تثق بموسى
بعد قليل توقفا امام مقهى يطل على النهر …
خرج موسى من السيارة وجذب كف ليان وسحبها خلفه نحو المقهى اجلسها بلطف على المقعد وقال وهو ينظر إليها وقال:
-تشربي ايه يا ست هانم…
-انت هتشرب ايه ؟!
قالتها وهي تنظر إليه بحب فرد ببساطة :
-هشرب شاي بالنعناع .
-خلاص أنا كمان هشرب شاي بالنعناع .. ….
رفع حاجبيه بحيرة وقال :
-من امتى بتحبي الشاي..
-من.دلوقتي عشان أنت بتحبه …
ضحك وقال:
-طيب يا نصابة
ثم استدعى النادل ليأخذ طلبهما …
وبعد ان ذهب وضعت ليان كفها على وجنتها وبدأت تراقب موسى بحب …
-.وحشتني اووي بجد ..متعرفش أنا عملت ايه لما اخويا طردك اتخانقت معاه وحتى مش بكلمه من الصبح …حتى لما قالي أنه جابلي سواق جديد معملتش اي رد فعل وتجاهلته و….
قاطع كلماتها المتحمسة وجوم موسى وهو يقول :
-ليان مفروض متعامليش اخوكي بالشكل ده …مهما كان غلط ومهما كان اختلافنا معاه ده برضه اخوكي …بس انا وأنتِ لازم نعترف بحاجة!!!
صمت قليلا وأكمل :
-لازم.نعترف أننا غلطنا في حق اخوكي لما ارتبطنا من وراه …احنا كسرنا ثقة عدي وهو ميستاهلش ده مننا أبداً …في الوقت اللي كنت لوحدي مفيش حد يساعدني كان هو الوحيد اللي مد أيده وساعدني …دخلني بيته وأمني على أخته وبدل ما احميها…حبيتها …حاولت أنكر مشاعري دي …حاولت اقضي عليها بس مقدرتش …هي كانت محاصراني من كل مكان ….حبيتها اكتر من نفسي حتى وكنت مستعد أعمل ايه حاجة عشان احميها حتى لو كنت هموت مش مشكلة المهم تبقى هي بخير …وعلى قد ما كنت بحبها …على قد ما حاولت اقتل الحب ده من جوايا …مكونتش حابب اخون صاحبي بس للاسف فشلت بقوة كمان …فشلت قدامك يا ليان …فشلت وبعترف …بس برضه أنا خونت صاحبي وكنت مستعد لأي عقاب يقوله ومفروض متعاملهوش كده …عدي عمل المستحيل عشان يحميكي …وقف في وش عمه وخسره…حبس عمه وكان هيقتله في مرة عشانك …معقول نسيتي كل اللي عمله عشانك يا ليان …
أطرقت ليان برأسها …عضت شفتيها وهي تمنع شهقاتها من التسلل من بين شفتيها …تعترف انها قد عاملت عدي بأسلوب بشع…رفعت رأسها ونظرت إلى موسى وعينيها رطبة بفعل الدموع وقالت:
-انا كنت زعلانة أنه طردك يا موسى…كنت حاسة أنه طرد روحي متعرفش لنا عيشت ايه امبارح …أنا كنت هتجنن لولا أنك كلمتني اخر الليل ووعدتني أنك هترجعلي قريب …صحيح غلطت بحق عدي …مكنتش في وعي …كنت هتجنن عشان اعرف روحت فين …
ابتسم موسى وشد على كفها وقال:
-احنا مع بعض اهو …ومستحيل اي حاجة تفرقنا…
تنهد وقال:
-انا هكلم عدي تاني يا ليان …مش هستسلم ابدا غير لما تكوني ليا يا ليان ….ده وعدي ليكي …
ابتسمت له ابتسامة رائعة ..كلماته تلك أطلقت العديد من الفراشات بمعدتها…شعرت بقلبها يخفق بقوة وعينيه تحاصرها بقوة …وكفه تشد على كفها …كان كل شئ مثالي للغاية بينهما …الحب داخل قلب كل منهما ..نقي وحقيقي … فجأة أتى النادل بأكواب الشاي ليشرعا في تناوله … وبعد أن انتهيا جلسا قليلا يتكلمان ..كانت تتكلم معه دون توقف وهي سعيدة …كانت تريد أن تشبع منه قبل أن تعود للمنزل ..ولكن كان قد أتى ميعاد ذهابها للمنزل …كما أن السائق اتصل بها ….
-معلش يا حبيبي لازم امشى دلوقتي …
قالتها ليان وهي تنهض لينهض موسى ويقول :
-يالا هوصلك …
-لا لا مفيش داعي أنا هروح لوحدي …
&لا يا ليان قولت هوصلك خلاص متناقشنيش لو سمحتي ….
وبالفعل لم تجادل بل.أتبعته إلى سيارته وركبتها بهدوء وهي تبتسم ها هي سوف تنال بضع دقائق معه ولكن الخوف أن يراها السائق ويخبر عدي …
….
ما أن جلس وانطلق بها حتى قالت بتوتر :
-انا خايفة السواق يشوفك ويقول لأخويا …خايفة خالص يا موسى …
-متخافيش يا حبيبتي مش هيحصل ده ….أنا عامل حسابي ….
…..
وبعد بضعة دقائق كان قد اوصلها بعيد عن جامعتها نسبيا وقال؛
-انزلي هنا وروحي الخطوتين دوول وبعد ما توصلي اتصلي بيا عشان اطمن عليكي …
هزت رأسها وقالت وهي تنظر إليه :
-امتى هتكلم عدي ؟!
-قريب جداً بإذن الله ..
قالها بثقة لتبتسم وتترجل من سيارته وهي تشعر وكأنها ولدت من جديد …الدقائق التي قضتها مع موسى كانت اجمل دقائق قضتها في حياتها كلها ..
اقتربت من السيارة الخاصة بهما لترى السائق …استقلب بهدوء السيارة لينطلق بها بسرعة !!
……
قاد موسى سيارته عائداً الي منزله …كانت الابتسامة تملأ شفتيه …كم هو سعيد لانه رآها …لقد اشتاق اليها بجنون …حبيبته الصغيرة…كان يحتاج ليراها كي يخطو الخطوة الثانية …سوف يكلم عدي …لا أحد سوف يمنعه عن حب حياته …وعدي عندما يرى كم يحب هو شقيقته هو متأكد أن الجليد الذي في قلبه سوف يذوب وسوف يعطيه ليان …هو يعرف أن عدي طيب للغاية ولن يتحمل رؤية لا شقيقته تعيسة ولا صديقه …
تنهد وهو يوقف السيارة إمام العمارة السكنية وخرج من السيارة وهو يصفر بسعادة ثم بخطوات واسعة ولج للعمارة ….غير منتبه للسيارة السوداء الجيب الواقفة إمام العمارة والتي كان لها عدوه الأوحد…الرجل الذي قلب حياته منذ سنوات ….دمرها تماماً…هل هو يعود لكي يدمرها مرة آخرى …كان مصر على هذا …فموسى سوف يعيش اتعس أيام حياته….
نظر صموئيل الي الرجل الذي يعمل معه وقال:
-قولي بقا نقطة ضعفه الجديد …..
-ليان رشيد هو كان البودي جارد بتاعها وحبيبته في نفس الوقت …
ابتسم صموئيل وقال:
-خلينا نعيشه الكابوس مرتين !!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-يا بنتي متبقيش عنيدة …الدكتور يحيى عرض المساعدة عليكي ..ده هيعمل العملية لأمك بنفسه يا رانيا وفي المستشفى بتاعته الخاصة .
قالتها ماجدة …لا تصدق عناد تلك الفتاة …انها تعرض حياة والدتها للخطر بسبب غباءها ….كانت رانيا جالسة على الأريكة بمنزل ماجدة ترمش بعينيها لكي تبعد الدموع عن عينيها …لم تكن تريد البكاء أمامها …كانت مقهورة على حالها …لقد أيقنت الأن انها مثيرة للشفقة …..فيحيى لم ينجذب إليها بل يشفق عليها كحالة انسانية …يبحث لها عن عمل ويريد إجراء جراحة لوالدتها …شعور انها بائسة وتثير شفقة الجميع جعل معدتها تتلوى …أغمضت عينيها وهي تتذكر ما قاله لها
…
-عايز أنا اللي أعمل العملية لوالدتك في المستشفي بتاعتي وبدون أي مقابل …
هكذا قالها صادما اياها…ظنت انها سمعت بشكل خاطئ ولكن ملامحه كانت جادة …عينيه الزرقاء كانت ترمقها بإنتظار ليسمع ردها…
هزت رأسها وقالت بذهول:
-انت ايه اللي عرفك اللي حصل لأمي يا دكتور؟!مين قالك انها محتاجة عملية ؟!
-مش مهم مين قال يا رانيا …المهم دلوقتي ان والدتك محتاجة عملية وانا اللي عايز اعملهالها
-خالتي ماجدة هي اللي قالتلك صح ؟!
قالتها وقد ظهر في صوتها الجرح ….احست رانيا في هذا الوقت انها مثيرة للشفقة ..شعرت بنيران الغضب ترتفع.داخلها…لقد فعلت المستحيل لكي لا يشفق عليها احد ولكن عبثاً…فها هو يحيى يشفق عليها ….ها هو يريد مساعدتها بالتأكيد هو يراها كحالة إنسانية ….
-انطق خالتي ماجدة اللي قالتلك صح ؟!!
قالتها بإنفعال وقد حاربت ظهور الدموع بعينيها إلا أنه قال:
-قولتلك مش مهم مين اللي قال المهم ان والدتك محتاجة عملية وانا بعرض أن انا اللي اعملها !!!!
-ليه ؟!
قالتها بنبرة حاربت لإخراجها ثابتة ولكنها خرجت مرتعشة بينما تسللت دمعة من سجن عينيها لتفضح ما بداخلها من حزن وبؤس شديد …نظر يحيى إليها بحزن …كان قلبه يؤلمه عليها وهو يفعل ما بوسعه الآن لزرع الابتسامة على وجهها مجدداً…
-قولي يا دكتور ليه عايز تساعدني …ليه ؟!ايه شفقان عليا صح ؟!اكيد أنا حالة إنسانية بالنسبالك صح ؟!
نظر إليها يحيى بصبر …كان يعرف انها تعاني لذلك تركها تهذي ولم يفقد أعصابه معها فقال أخيراً:
-لا يا رانيا مش حالة إنسانية ولا حاجة …أنا عايزة اساعدك عشان أنتِ ليه مكانة عندي …
نظرت إليه بصدمة وقالت؛
-مكانة ايه حضرتك ؟!
قالتها ليرتبك هو ويقول ؛
-خلينا في المهم يا آنسة رانيا …فكري في والدتك التعبانة ومش مهم أنا دلوقتي
-طيب ما أنا فعلا بفكر في والدتي …ومش هفكر الا فيها وهي أهم …
قالتها بإندفاع ليبتسم بلطف ويقول:
-كويس اووي ..يبقى ليه مش عايزة تعملي العملية لمامتك.عندي …الانتظار في الحالات دي مش بيفيد…متبقيش عنيدة يا رانيا واسمعي الكلام …
نهضت بضيق وقالت :
-وانا قولتلك شكرا مش عايزة…مش عايزة يا بيه …مش عافية هي …
ثم تركته وغادرت تاركة إياه ينظر إليها بيأس …
…..
عادت رانيا من شرودها ودموعها تتساقط تباعاً بينما ما زالت ماجدة توبخها …
-خلاص كفاية يا خالتي كفاية …
قالتها رانيا وهي تبكي لتزعق بها ماجدة :
-لا مش كفاية …مش كفاية يا أستاذة رانيا …متبقيش أنانية وفكري في مصلحة امك …قوليلي هتكوني مبسوطة لو أمك حصلها حاجة …ها ..هتكوني مبسوطة !!!لو ماتت لا قد الله هتندمي على اللي عملتيه …يا بنتي متبقيش غبية الراجل مادد أيده وعايز يساعد فأقبلي المساعدة عشان خاطر امك على الأقل
…………..
بعد قليل….
كان يحيى يخرج من سيارته وقلبه يخفق ..منذ أخبرته أنها تريد التحدث معه لم يفكر مرتين وأتى إلى هنا …
استقبلته السيدة ماجدة في منزلها بترحاب شديد وذهبت لتحضر له شئ كي يشربه بينما ظل هو مع رانيا بصالة المنزل …
كانت رانيا تفرك كفيها بينما هو يتأملها بعمق …الاحاسيس التي تفجرها تلك الفتاة داخلة عجيبة …لم يفعل أحد هذا به …وأصبح الإنكار حماقة الآن …هو يعترف أن لديه مشاعر قوية بداخله من ناحيتها …يعترف أنه يعشقها!!!
-انا موافقة انك تعمل العملية لأمي !!
قالتها بهدوء …
♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي …
-ورد ..
قالها ياسين بتردد وهو يقترب من ورد …لا يعرف ماذا يتكون رد فعلها على ما سيقوله الآن لها…هي بالتأكيد سوف تغضب منه ولكنه لا يهتم …هو سوف يحاول امتصاص فغضبها وسيتحمل أي شئ منها …رفعت ورد رأسها وهي تنظر إليه …كانت جالسة على الأريكة براحة فهو بعيداً عنها منذ الصباح وهذا اراحها نسبيا ولكن الآن هو قرر اقتحام مساحتها الخاصة …تأففت وظهر الضيق على وجهها وقالت بفظاظة :
-نعم ؟!
ابتلع ريقه وقال وهو يمد لها حقيبة ورقية كبيرة بعض الشئ موقع عليها اسم محل لأحد المحجبات وقال :
-ممكن تلبسي.ده ؟!
نظرت إليه وكأنه فقد عقله وقالت:
-ليه؟!
ثم أخرجت محتوى الحقيبة الورقية والذي لم يكن سوى عباءة سوداء واسعة قليلاً وحجاب معها …
يبدو بالفعل انه فقد عقله …نظرت إليه وقالت بسخرية :
-هي هدية جميلة بس حضرتك انا مش محجبة فمش فاهمة الهدية دي عشان ايه ؟!حضرتك ناوي تحجبني ؟!
ربع ذراعيه وقال بهدوء:
-أنتِ مش عايزة تتحجبي يا ورد ؟!
أنمحت السخرية من وجهها وقالت بجدية :
-نفسي جدا وعايزة اخد الخطوة دي بس القصة أنك عمري ما قولتلي اتحجب فمستغربة دلوقتي …وكمان أنا في البيت ليه هلبس دوول
تنهد وقال :
-عشان جايلنا ضيوف يا ورد بطلب منك البيئة دوول لو سمحتي …
نظرت إليه دون فهم وقالت:
-ضيوف مين اللي عايزني اقابلهم بعباية…عندي فضول شديد !
انتهى الأمر …يجب أن يعترف لها …لن يكون جبان ويخفي عنها الحقيقة …هي يجب أن تعرفها…قال فجأة بثبات وهو ينظر الى عينيها بعمق :.
-شيخ ..اللي هيجي هنا بعد ربع ساعة شيخ عشان يقرأ عليكي ويقرا على البيت ويشوف ايه المشكلة وليه التوتر ده بيننا …
قال كلماته بكل هدوء …لم يتوتر او تظهر على ملامحة أي لحظة ضعف او ارتباك بينما ظل ينظر الى وجهها المصدوم بصبر…أخذت المشاعر تتعاقب على وجهها ..حيرة وذهول وصدمة ثم غضب …غضب شديد سيطر على ملامحها وهي تنظر إليه…كانت لا تصدق انه يقول بوجهها هذا !!انتظر ياسين انفجارها وبالفعل صرخت به !
-أنت ازاي عايز تجبلي شيخ هنا يقرأ عليا ؟!أنت شايفني مجنونة!!!
صرخت ورد وهي تسمع قراره المفاجئ بأن شيخ سوف يأتي للمنزل بعد ربع ساعة …
ابتسم ببرود وقال:.
-يا ورد يا حبيبتي …الشيخ بيعالج الملبوسين مش المجانين فلا أنتِ ست العاقلين بس شاكين أنك ملبوسة !!!
-أنا ملبوسة يا ياسين ..
ضربت على الأرض بغيظ وهي تصرخ به قال وهو يقترب منها ويحملها :
-اولا بلاش حركة كتيرة عشان البيبي …وبعدين مش احسن ما تكوني مجنونة رغم ان الاتنين بالنسبالي واحد …
اجلسها على الأريكة برفق ثم جلس بجوارها وهو يتكلم بنبرة جادة للغاية بينما يشد على كفها :
-بصي يا ورد أنا وانتِ واخدين.بالنا اووي ان فيه توتر بيننا وفيه نفور جواكي من ناحيتي غريب ودي حاجة صدمتني عشان أنتِ دايما كنتِ بتقولي أنك بتحبيني …فالنفور المفاجئ ده.صدمني وجرحني خاصة اني حبيتك …أنا أول مرة احب بالشكل ده …أول مرة اتعلق بحد بالشكل ده واخاف اخسره أنا عايزك في حياتي يا ورد …يمكن أنا جلنف زي ما بتقولي ومبعرفش اعبر عن مشاعري كويس بس صدقيني لما اقولك اني عايزك تكوني في حياتي لحد آخر ثانية في عمره ….عايز نكبر مع بعض ونجوز ياسمين والبيبي اللي جاي نربيه سوا ونجوزه كمان ونشوف احفادنا.ونفرح بيهم واحكيلهم على جدتهم اللي استحملت جدهم الجلنف عشان بتحبه….عايز حياتنا ترجع حلوة زي الأول يا ورد …حطي ايدك في ايدي وساعديني…خليكي أنتِ أقوى …لو سمحتي يا ورد …
تنهدت وقالت :
-اعمل ايه ؟!
ابتسم براحة أخيرا وقال :
-البسي دوول وقابلي الشيخ …
-حاضر ..
قالتها بوداعة …
……
بعد ربع ساعة بالضبط …
كان أمجد يلج الى المنزل وهو مثبت عينيه على الأرض و يقول :
-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا شيخ اتفضل…
قالها ياسين بإحترام.شديد وهو يدله على طريق غرفة الضيوف…
جلس أمجد براحة على الأريكة …بدأ يتحدث مع ياسين قليلا عندما دخلت ورد وهي تحمل العصير بينما ترتدي العباءة والحجاب الذي يغطي شعرها بالكامل ..
ثبت أمجد عينيه على الأرض وقال:
-اقعدي جنب زوجك ..
فعلت ورد ما أمر به ثم قال أمجد :
-ودلوقتي أنا هقرأ وأنت يا باشمهندس راقب تصرفات زوجتك ..
-ماشي ..
قالها ياسين ..
أغمض أمجد عينيه وبدأ يقرأ …
قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ * اللّهُ الصّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لّهُ كُفُوًا أَحَدٌ » …. بسم الله الرحمن الرحيم « قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ * مِن شَرّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرّ النّفّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ»
بسم الله الرحمن الرحيم
فَلَمّا أَلقَوا قالَ موسى ما جِئتُم بِهِ السِّحرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصلِحُ عَمَلَ المُفسِدينَ»،
بسم الله الرحمن الرحيم
وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ»
كان أمجد يقرأ دون توقف بينما ياسين يراقب زوجته التي أخذت تهتز ودموعها تنفجر من عينيها …فجأة نهضت وهي تصرخ وقالت:
-كفاية …كفاية كفاية!!
ثم وضعت كفيها على أذنها وهي لا تريد أن تسمع الباقي …
-امسكها يا باشمهندس كويس ..
قالها أمجد بصرامة لياسين الذي بهتت ملامحه وهو يرى زوجته في تلك الحالة
-باشمهندس ياسين فوق معايا !!!
قالها أمجد.بنبرة مرتفعة لينهض ياسين بسرعة ويمسك زوجته …يبعد كفيها عن اذنيها بينما أكمل امجد القراءة
-بسم الله الرحمن الرحيم
الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم…
ثم أتبعها بسورة الفاتحة بينما بدأت ورد بالصراخ حتى فقدت وعيها …
-ورد ورد….
صرخ ياسين بخوف ولهفة ليقول أمجد:
-متخافش عليها ورح وديها على اوضتها وتعالى يا باشمهندس ..
هز ياسين رأسه وهو يحمل زوجته بينما أخذ أمجد يسبح ويستغفر ويصلي على الرسول …
….
بعد قليل جاء ياسين إليه وجلس بجواره وقال:
-ايه يا شيخ ..انت شايف ايه ..
-سحر قوي يا باشمهندس …
-مين اللي عمله
قالها ياسين والنيران تندلع بعينيه فابتسم أمجد بسماحة وقال :
-مهما كان اللي عمله ربنا يجازيه على عمله يا باشمهندس خلينا في المهم دلوقتي احنا هنكمل قراءة مع زوجتك أنا هرتب ايام واجيلك فيها وأنت مطلوب منك شوية حاجات مستعد تعملها ..
-مستعد يا شيخ ..
قالها دون تردد فقال أمجد بجدية شديدة :
-قولي يا باشمهندس انت بتصلي ؟!
تصاعدت حمرة الخجل لوجنتي ياسين وقال :
-بصراحة لا ..
-طب والمدام…
-برضه لا…هي كانت ساعات تصلي وساعات تقطع وانا كمان نفس النظام ..
ابتسم بلطف وقال:
-طيب وده ينفع يا باشمهندس الصلاة عماد الدين ده ربنا بيقول في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)
لا يا باشمهندس ابدأ صلي …صلي عشان أنت محتاج لربنا مش العكس …وخلى المدام تصلي كمان وواظبوا على الرقية الشرعية والمعوذتين وآية الكرسي والفاتحة ويوميا حصن نفسك أنت
الفصل التكميلي (الضربة القاضية )
العين بالعين والسن بالسن والبادئ هو الأظلم ..إن بدأت بالغدر فتوقع الغدر يكون بالمثل ..
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-بتقول ايه ؟!
قالها شريف بنبرة مرتفعة وهو ينظر لعدي الذى ارتدى على وجهه قناع من الجليد …هز عدي كتفه وقال:
-ايه بقول ايه غريب؟!بقولك تجوزني عبير وتكتب البيت ده بإسمي …ايه ده أنا هكون صهرك حتى …مفروض متستخسرش فيا حاجة ..
-أنت مجنو ن …مجنون !!!
ابتسم.عدي بإستفزاز وقال:
-انا فعلا مجنون …وممكن بسبب جناني ده اقول للشرطة كل حاجة وتتحبس انت والحلوة اللي خدعتني ووريني بقا ايه هيحصل فيك في السجن يا شريف بيه …
-هتحبس البنت اللي حبيتها …
قالها شريف بخبث …كان يريد أن يلعب على الوتر الحساس بداخل عدي ولكن عدي ابتسم في وجهه ببساطة وقال؛
-مشكلتك أنت والنصابة اللي افتكرت أنها ممكن تخدع عدي رشيد انكم فاكرين اني غبي لدرجة أحب واحدة زيها …لا يا شريف هي اللي كانت غبية وحبتني وعشان كده وقعت في الفخ وقالت على كل حاجة …
ابتسم بإتساع وقال :
-ببساطة يا شريف انت صباعك تحت ضرسي دلوقتي لو منفذتش اللي أنا عايزه هتتسجن …
-أنت عايزني اديلك.بيتي !!!!
ابتسم عدي بدهشة وقال:
-لازم اعترف أن من بين كل الناس اللي قابلتها انت الاسوأ والأ حقر …بقا يا راجل مش خايف على بنتك مني وخايف على بيتك …يعني دي المشكلة انك مش عايز تديني البيت اللي انت عايش فيه ..بس بنتك عادي صح ؟!!
احمر وجه شريف من الإنفعال وشعر أنه عاجز عن التكلم تماما!!…كان عدي يتأمله بتشفى …هذا الرجل يستحق كل ما يفعله به …أنه حقير من الدرجة الأولى ….
-موافق أجوزك بنتي واديلك البيت بس بشرط بما أن بنتي عبير هتكون مراتك تكتب البيت بإسمها هي …
ابتسم عدي وقال بدون تردد :
-موافق جداً….لما نتجوز أنا وهي هكتب البيت بإسمها ومتقلقش يا شريف أنا بحافظ على كلمتي كويس …رجع بنتك البيت وصلح الهبل اللي انت عملته فيها وفي جواهر ولما تتنازل عن البيت كلمني عشان اديك الشيكات …
ابتلع شريف ريقه وهو يسمع نبرة عدي المتسلطة …كان هو في موقف لا يُحسد عليه …كل شئ انهدم على رأسه ..
انسحب عدي من أمامه وذهب وابتسامة شريرة للغاية تجمل.شفتيه !!!
بينما جلس شريف وهو يشعر بالدوار …رباه ما تلك الكارثة ؟!هل ستخلى.عن منزله ؟!
تنهد وهو يفكر أن ليس أمامه إلا هذا الحل …ولكن على الأقل هو لديه بديل آخر المهم أن يحصل على الشيكات من عدي ويزوجه ابنته وبهذا سوف يرتاح ويبدأ من جديد ….
….
خرج عدي من منزل شريف وأجرى اتصال بأحدهما ثم أنطلق مسرعاً بسيارته ….
…
بعد نصف ساعة تقريباً…كان قد وصل إلى قصره …وأمام البوابة كانت تقف جواهر تنتظره!!!!
خفق قلبه بقوة وهو يراها …شعر وكان العالم يدور به وشكر ربه كثيراً أنه يرتدي نظارة ليخفي مشاعره نحوها …خرج من السيارة وهو يسير نحوها بخطوات ثابتة …توقف أمامها ولم ينزع نظاراته وترك لنظراته حرية التجول على ملامح وجهها بإشتياق …لقد اشتاق اليه …كل ما أراد فعله الآن هو أن يجذبها إليه ثم يعانقها ويقبلها…أراد أن يعاتبها…يصرخ بها …الغضب والإشتياق كانا يمتزجان معاً داخله….
-خير عايزة ايه ؟!
كلماته كانت جافة بطريقة اجفلتها …تصاعدت الدموع لعينيها وهي تنظر إليه بإشتياق …لقد أخبرت نفسها انها ستتركه وشأنه وتلتفت لحياتها …حتى أنها رفضت الرد على اتصالات عبير وشريف… ولكنها فشلت في أن تقاوم الحضور إليه وأخباره الحقيقة لعله يتفهم …لعله يغفر …ولكن يبدو من نبرته الجافة أن تلك كانت فكرة سيئة للغاية …
ابتلعت ريقها وهي تحاول أن تجمع الكلمات ولكنها كانت تشعر أن الكلمات تتبعثر من فمها …كانت تهابه الآن …تخاف أن تقول شئ خاطئ فينفجر بوجهها …سمعت قلبها يدوي داخل صدرها وهي تنظر إليه بعجز ترغب في الكلام فلا تستطيع …تمنت أن ترى عينيه الآن لتعرف هل أثرت به ام لا ولكن للأسف كانت عيناه متوارية خلف نظاراته القاتمة …..كان يصعب عليها التواصل معه وهو متباعد بتلك الطريقة …
-ها كنتِ حابة تقولي ايه ؟!اكيد مش جاية عشان تتأملي جمال!!!
نبرته كانت ساخرة واستطاعت سماع المرارة بصوته …أطرقت وهي تقول بخفوت آخيراً بينما تشعر بقلبها يعتصر من الأ لم :
-كنت جاية اتكلم معاك ؟!ممكن تديني دقيقة من وقتك ؟!
ما زال محافظ على جموده رغم الضجيج الذي داخله بسببها إلا أنه رفض تماما أن يجعلها تعرف انها تؤثر عليه بتلك القوة. .
-ليه؟!حابة تتكلمي معايا ليه يا آنسة جواهر ؟!ايه في كدبة جديدة من كدباتك اللي مبتخلصش نسيتي ما تقوليها وجاية تقوليها دلوقتي ..ايه عايزة تخدعيني تاني !!….شريف باعتك المرة دي ولا قررتي تمشي من دماغك …عندي فضول شديد أعرف يا آنسة جواهر …
كانت الدموع تطرف من عينيها وهو يكلمها بتلك الحدة …أرادت منه أن يتوقف الآن فالألم كان يعصف بها …أنها تشعر بالذنب بسببه …لم ترغب أن تجرحه بتلك الطريقة…ولكنها أحبته ولا يمكنها أن تنسحب من حياته بتلك البساطة دون أن تحارب قليلا ليسمعها …يجب أن يسمعها …يعرف لماذا فعلت هذا؟!
-مش جاية اخدعك؟!أنا لو كنت حابة اخدعك يا عدي مكنتش بنفسي قولتلك الحقيقة اللي انت بنفسك مخلتنيش اكمل باقي الحقيقة …مدتنيش فرصة اقولك ليه انا عملت كده واستنتجت فورا اني عشيـ قة شريف …أنا عايزاك تسمعني يا عدي ..صدقني أنا عملت كده عشان …
ولكنه قاطعها ببرود وقال:
-مش مهتم اسمع حاجة …ولا عايز اسمع أي تبرير منك …كان عندك بدل الفرصة عشرة عشان تقوليلي الحقيقة بس أنتِ اختارتي تبقي كد ابة …اختارتي الخداع فمتستنيش مني اني اثق فيكي واسمعك تاني …ولا أرجعك لحياتي …أنتِ زي كارمن طردك برا حياتي ومستحيل أرجعك …اتفضلي امشي من هنا بدل ما أهينك …مش حابب اعمل كده …امشي لو سمحتي. ..
-عدي عدي بس اسمعني ..
قالتها بنبرة مختنقة ودموعها تنسكب من عينيها دون توقف ليصرخ بها :
-قولتلك امشي من هنا …امشي يالا …مش عايز اشوف وشك تاني …مش طايقك…يالا روحي .
تراجعت بصدمة وهي تشهق …تشعر بأ لم كبير في قلبها …كانت أن تأتي لهنا فكرة سيئة للغاية…فعدي لن يصدقها …لن يعطيها فرصة أبداً…هي بالنسبة له مثل كارمن .. لا تختلف عنها بشئ …نفس الخداع عبر نفس الرجل…ليتها لم تفعل هذا …ليتها لم تحطم قلبه …
-أنا اسفة يا عدي … اسفة ..
قالتها وهي تهم بالذهاب ليقول هو بنبرة قوية:
-بالمناسبة جوازي على عبير الحقيقية قريب اووي لو حابة تيجي تعالي!!!
وكانت تلك ضربة موفقة منه لقلبها…فهي شعرت أن قلبها يتفتت لمائة قطعة!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-عايز اشوف بنتي !
قالها شريف بنبرة جافة لتحية التي تنظر إليه بإشمئزاز ….كان متضايق من نظرات تلك المرأة …أنها دائما تشعره أنه ندل !!!!
-اتفضل يا بابا !
كان هذا صوت عبير الهادئ تسمح له بالدخول. .نظر شريف إليها ودخل مقترباً منها وهو يقول ؛
-حابب اتكلم معاكي …لوحدنا يا عبير لو سمحتي !!!
رفعت تحية حاجبيها ولكنها لم تعلق بل ولجت هي وطفليها الى الغرفة غير مهتمة ابدا بأن تضايفه …فهو رجل فظ لا يستحق أي شئ ….
…
بعد أن ولجت تحية لغرفتها هي وأطفالها جلس شريف على الأريكة وقال:
-اقعدي يا عبير ..كلامنا هيطول !!
جلست عبير بالفعل على الأريكة ونظرت إليه بحيرة وقالت:
-اهو قعدت…حضرتك عايز ايه ؟!
-حاسبي على طريقة كلامك معايا يا بيري!!!
ضغطت على أسنانها بغضب …لن يتغير …حقاً لن يتغير!!!
تنهد وهو يبدأ الكلام :
-على العموم مش موضوعنا خالص طريقة الكلام خلينا منشتتش نفسنا اكتر من كده عشان في مصيبة مستنياني ومستنية حضرتك والعبقرية جواهر اللي بس لما اشوف وشها هعرف اتصرف معاها على اللي هببته.ده !!!
ارتبكت عبير وهي تنظر إليه …تصاعد التوتر داخلها بينما هو ينظر إليه بتوتر مماثل ويقول:
-آنسة جواهر قالت لعدي الحقيقة …..قالتله كل حاجة يا عبير …أنا في ورطة وهي كمان في ورطة …
تصنعت عبير الصدمة بمهارة على ملامح وجهها . .وضعت كفها على فاها وهي تنظر إلى والدها …
تنهد شريف طارداً توتره وقال:
-عارفة ده معناه ايه يا بيري ..معناه اني انا هتحبس ومش بس انا دي جواهر كمان هتشرف معايا في السجن …يعني أنا وهي هنبقى رد سجون !!!وكله بسبب تخلفها …أنا معرفش كان عقلها فين لما قالتله الحقيقة …البنت دي طلعت غبية اووي …اكيد حبته بدل ما تخدعه…نفس غباء كارمن …مكتوب عليا أن كل ما ابعت واحدة لعدي رشيد عشان تخدعه بدل ما تخدعه تحبه …
كان يتكلم بنزق وهو يشعر بالغضب الشديد من فشله المتكرر فلولا أن كارمن انكشفت أمام عدي واعترفت له بكل شئ لأنها تحبه لكان الآن عدي تدمر …وجواهر ارتكبت نفس الخطأ الشنيع …في المرة المقبلة سوف يبعث رجل له ليتأكد أنه لن يقع بحبه !!!!..
-وهتعمل ايه دلوقتي؟!
قالتها عبير بقلق ليرد شريف بسرعة:
-عدي جالي النهاردة يا عبير …جالي وهد دني وباين أنه ناوي على شر …بس انا مش خايف على نفسي المرة دي يا بنتي …أنا خلاص توبت وعايز اصلح غلطي حتى لو هتحبس …
صمت قليلا ونظر إليها ليرى تأثير كلماته عليها ولكنه وجدها شاردة فأكمل بوداعة أكثر :
-انا خايف المرة دي على جواهر صحيح هي غبـ ية أوووي بس مش هيهون عليا أنها تتحـ.بس …المسكينة أمها تعبانة ولو عرفت أن بنتها هتتحبس في قضية تزوير ممكن تموت فيها وكده جواهر هتخسر كل حاجة يا بنتي …خسارة والله …
عندما رأى الخوف في عيني عبير ابتسم داخله بإنتصار وقال :
-بس عدي بيه قالي حل تاني يا بيري …حل ممكن ينقذ المسكينة جواهر من اللي هيحصلها وينقذني كمان ..
-ايه هو الحل ؟!
أجاب على سؤالها بسرعة وقال:
-هو عايز يتجوزك لسه …أنا حاولت افهمه أن ده مينفعش وانك مش عايزاه وانا مش هرتكب الغلط ده تاني كفاية العك اللي حصل والمشاكل الكتير اللي أنتِ واجهتيها بسببي ..مكنتش مستعد أضحي بيكي لاني فهمت أن اللي عملته اكبر غلط …بس هو قالي ده الحل الوحيد قبل ما يبلغ الشرطة عني ويقول إن عبير صديق اللي اتجوزها أصلها جواهر وان دلوقتي متجوزك قانوني بس واحدة تانية كانت عايشة معاه في البيت !!…عدي عشان اتخدع من جواهر دلوقتي متعصب ومستعد يعمل اي حاجة عشان ينتقم منها وانا بحاول أوقفه …لدرجة اني اترجيته ولما قال إنه عايز يتجوزك اترجيته اكتر عشان يبعد عنك …أنا عارف قد ايه عدي إنسان مش كويس وهو قالي كده عشان لما ارفض يحبسني وانا والله يا بيري مش مشكلتي ابدا اني اتحبس…أنا خايف على المسكينة جواهر
-طيب لو حصل واتجوزت عدي ايه اللي هيحصل ؟!
قالتها عبير فجأة بنبرة شاردة لينظر إليها والدها بسرعة ولهفة ….كان قلبه يدوي داخل صدره من الحماس …هل سينجح في مهمته أخيراً!!!!كاد يرقص طرباً لانه أخيراً استطاع إقناعها ولكنه يجب أن يكمل مسرحيته للآخر فها هي ابنته تلين وقد توافق بالفعل على إنقاذه …ابتسم ابتسامة خفيفة و قال :
-مش هيبلغ لا عني ولا على جواهر …قال إن الاول هيفسخ عقد الجواز اللي بينك وبينه لما اتجوز جواهر على أساس أنه أنتِ وهنعمل كتب كتاب جديد .. وبعدين هيسامحني انا وجواهر مش هيبلغ عنا يعني ووقتها جواهر هتكون في آمان يا بيري ومحدش تاني هيقدر يأذيها …
شردت عبير قليلا ليقول شريف بسرعة :
-لو مش حابة تتجوزيه براحتك يا عبير أنا مش هضغط عليكي زي ما عملت قبل كده وندمت وانا اللي خسرت في الاخر ..متضـ حيش بنفسك لا عشاني ولا عشان جواهر دي مشكـ لتنا احنا الاتنين …هي صحيح جواهر ضـ حت عشانك ورضيت أنها تتجوز غصب عنها عشانك انت …وعملت المستحيل عشان تحميكي ..بس برضه هي اللي اتغا بت وانا كمان …ودي مشكلتنا. مش مشكلتك خالص …مفيش داعي ابدا انك تتحملي نتيجة اللي عملناه أنا وهي …..يعني احنا اللي غلطا.نين ..متشيليش هم ..احنا لينا ربنا كبير وبتمنى من ربنا يساعدنا أنا والمسكينة جواهر .. هحاول اتكلم معاه يطلع جواهر من الموضوع رغم أن …
صمت قليلا وهو يراقب انفعالاتها …يرى تأثير كلامه …يتمنى أن يؤثر بها ذلك الابتزاز العاطفي الذي يمارسه عليه …فهو عرف أن ابنته لن ينجح معها العنف أو الإجبار…الابتزاز العاطفي سوف يحدث تأثيرا فعالا معها وبالفعل ظهر التأثير جلياً على وجهها ..كان هذا واضح !!!
تنحنح قليلا وأكمل :
-بصراحة يا بنتي هو غضبه كله من جواهر. ..تقدري تقولي اتجر ح لما واحدة ست خد عته فعشان كده متضا يق منها بس يظهر أن رغبته أنه يتجوزك اكبر من أنه ينتقم من جواهر …بس اقولك أن في الاول والاخر القرار قرارك يا بنتي …اعملي اللي أنتِ عايزاه أنا مش هضغط عليكي خالص !!
-انا موافقة …
قالتها بهدوء لتتوسع عيني والدها ويقول :
-بتقولي ايه ؟!
-قولتلك اني موافقة يا بابا …موافقة اتجوز عدي رشيد …انا مش هسمح أن جواهر تتحـ بس بسببي هي ملهاش اي ذ نب …حدد ميعاد كتب الكتاب وانا جاهزة …
ابتسم شريف وقال:
-ربنا يسعدك يا بنتي …أنا مش عارف اقولك ايه …أنتِ انقذتي حياتي وحياة جواهر ….شكرا يا بيري …
تنهد ونهض وقال:
-يالا يا بنتي نمشى من هنا …يالا …
نظرت إليه عبير وهزت رأسها بالإيجاب ليبتسم هو براحة
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-انا خايفة اووي يا رانيا …خايفة ادخل ومطلعش تاني …امانة يا بنتي لو موت سامحيني على أي غلطة عملتها في حقك .
كانت رانيا تكتم دموعها بشق الأنفس لدرجة ان عينيها اصبحت حمراء بسبب الجهد الذي تبذله لكي لا تنهار امام والدتها..ابتسمت وقالت بنبرة مرتعشة ..:
-موت ايه يا أما بعيد الشر عليكي …ده اللي هيعملك العملية الدكتور يحيى بنفسه ..ده شاطر اووي وهتطلعي بالسلامة وهتفرحي بيا وتشيلي عيالي ولا أنتِ مش عايزة تفرحي بيا يا أما ..مش عايزة تربي معايا عيالي ….
قبلت رابحة كفها وقالت والدموع تنفجر من عينيها :
-طبعا يا بت عايزة افرح بيكي واشيل عيالك …واشوفك مبسوطة ومستورة في بيت جوزك …نفسي ترتاحي من الشغل والتعب يا رانيا وتقعدي في بيتك معززة مكرمة يا بنتي
ابتسمت رانيا وقبلت كف والدتها بقوة وقالت:
-هيحصل يا أما هيحصل بس انتِ تخرجيلنا بالسلامة كده واطمن عليكي و …
قاطع كلام رانيا دخول الممرضة الشابة وهي تقول بلطف بالغ:
-عن اذنك يا آنسة رانيا عشان اجهز الحاجة للعملية…
هزت رانيا رأسها ونهضت وهي تقول :
-ربنا يحفظك بحفظه يا أما . ..
ثم قبلت رأسها وخرجت…وكم كانت محظوظة انها سيطرت على دموعها حتى خرجت من الغرفة التي تقبع فيها والدتها ..وما ان خرجت حتى ارتفع نشيجها وانفجرت الدموع من عينيها بشكل لم تختبره من قبل…كتمت فمها وهي تبكي دون صوت لا تريد أن تسمعها والدتها وتقلق أكثر …لا تريد أن تشغل بالها…يكفي انها سوف تجري جراحة خطيرة كهذا …
-هتكون كويسة …بإذن الله هتكون كويسة وترجعلي بإذن الله كل حاجة هتكون تمام…
اخذت تكررها والدموع تطرف من عينيها بينما تشعر بالألم يسحـ ق قلبها ….
-رانيا ي بنتي ؟!
كان هذا صوت ماجدة وهي تقف بجوارها تضع كفها على كتف رانيا وتنظر إليها بحزن …تلك المسكينة لقد عانت الكثير …تتمنى أن تجد العوض المناسب لها …
نظرت رانيا إلى السيدة ماجدة وقالت بصوت مختنق :
-خايفة عليها اووي يا خالتي…خايفة تروح مني …
-بس يا بت الشر برا وبعيد بإذن الله هتكون زي الفل متخافيش عليها .. …
تنهدت رانيا وقالت :
-يارب تقوملي بالسلامة يا خالتي ….
-هتقوملك بالسلامة بإذن الله …أنتِ بس امسحي دموعك دي ومتفوليش على الست …
هزت رانيا رأسها وهي تمسح دموعها بالفعل ….رأت يحيى فجأة وهو يتجه إلى غرفة العمليات فذهبت إليه وأوقفته…نظر إليها يحيى وقلبه يخفق بقوة …مشاعره الجديدة التي اكتشفها نحوها جعل دقات قلبه تتسارع أكثر من قبل …ابتسم بلطف لها لتنظر إليه وتقول بتوسل:
-خلي بالك من أمي.يا دكتور …أنا مليش غيرها …
هز رأسه وقال:
-في عينيا متقلقيش يا رانيا …هتقوملك بالسلامة بإذن الله …
ثم تركها وذهب …
……
ولجت والدتها لغرفة العمليات وانتظرت رانيا وقت طويل …رفضت أن تأكل او تشرب بل ظلت عينيها معلقة بغرفة العمليات واحست بالدموع تلسع عينيها …كانت تختنق كلما شعرت أن جراحة والدتها استغرقت وقت …..
فجأة كتمت أنفاسها وهي ترى يحيى يخرج …اقتربت منه بلهفة وقالت والدموع تنفجر من عينيها:
-أمي كويسة …قولي يا دكتور هي كويسة ؟!
ابتسم يحيى وهز رأسه وقال:
-الحمدلله العملية عدت على خير هننقلها غرفة الإفاقة وبعدين هننقلها اوضة عادية …
أطلقت أنفاسها براحة وابتسمت بحلاوة لأول مرة قائلة :
-شكرا…شكرا أووي يا دكتور ..
ثم استدارت وعانقت ماجدة والسعادة تشع بعينيها وكان هو أكثر سعادة منها …نسى كل شئ وأصلح يتأملها وبداخله سؤال يؤرقه …هل ستكون لهما فرصة !!!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي ….
في مكتب شريف ..
كان عدي يجلس براحة وهو ينظر إلى اوراق التنازل بإبتسامة صافية
-بجد فاجئتني يا شريف ..خطوة حلوة منك دي ..
قالها عدي بتسلية ..فزفر شريف وقال:
-وكتب كتابك على عبير بنتي بكرة …
-كتب الكتاب هيكون في القصر بتاعي ..
قالها عدي ليرد شريف بسرعة ويقول:
-موافق …بس المهم فين الشيكات بتاعتي ؟!أنا نفذت كل وعودي نفذ انت بقا وعدك ومتقوليش لما نكتب الكتاب وكده عشان مش موافق أنا عايز الشيكات بتاعتي دلوقتي يا عدي ..
ابتسم عدي وقال:
-ده انت مستعجل اووي يا شريف بيه …
تجمد وجه شريف وقال:
-أنت ذ لتني كتير بسبب الشيكات دي يا عدي …فلو سمحت هاتها كفاية اللي عملته فيا لحد دلوقتي …
-انا اللي عملت برضه ولا أنت اللي بدأت بالكد ب والخدا ع …
-خلينا ننسى الموضوع …احنا بدأنا صفحة جديدة …
ابتسم له عدي وقال:
-في دي عندك حق تماما يا شريف بيه …عموما يا سيدي …
أدخل عدي يده في جيب سترته وأخرج الشيكات
-شيكاتك أهي !
قالها عدي وهو يلوح بالشيكات وملامح وجهه جادة للغاية …توسعت عيني شريف بصدمة وكاد ان يمد يده لكي يأخذ الشيكات الا ان عدي ابعد كفه قليلا وقال :
-أنا مخلصتش شروطي يا شريف بيه ….بجانب تنازلك عن البيت و أنك هتكون الولي بتاع عبير في كتب الكتاب فأنا كمان عايز الشيكات اللي ماسكها على جواهر !!!!
بهت شريف قليلا وقال:
-هتعمل بيها ايه ؟!
-دي حاجة متخصكش !!!
قالها بنبرة قاطعة وهو يتمسك بقناعه الجليدي بكل ما يملك من قوة ….
ابتلع شريف ريقه وهو يفكر ان عدي قد يد مره الآن ان لم يفعل ما يطلبه ..لذلك نهض بهدوء وفتح خزنته وهو يخرج الشيكات ثم يسلمها لعدي…
-والاوراق اللي زورتها لجواهر عشان تبقي عبير كمان …
تنهد شريف وهو يحضر الاوراق معه ويسلمها لعدي ….
نظر عدي الى الاوراق والشيكات وقال مبتسماً بسخرية ؛
-كنت عارف أنك واطي بس متخيلتش تستغل المر ض عشان توصل للي انت عايزه !!!
نهض عدي ووضع كل الأوراق بسلة المهملات المصنوعة من الحديد ثم أشعل بها النيران ونظر لشريف قائلا:
-متنساش تيجي عشان كتب كتاب بنتك بكرة !!أخيرا يا سيدي هنبقى نسايب وهننسى كل العد اوة اللي بيننا …حلمك يا شريف بيتحقق اهو. ..
ابتسم شريف ابتسامة صفراء له وقال:
-طبعا طبعا …انت هتقولي …مع السلامة ..
هز عدي رأسه وكاد ان يخرج من المكتب ولكنه رأى عبير أمامه فابتسم لها وقال:
فرصة سعيدة يا مراتي المستقبلية متنسيش بكرة فرحنا …هعد الساعات بفارغ الصبر عشان نكون مع بعض …
اشاحت بوجهها عنه ليضحك بإستفزاز ويخرج …
-الحمدلله ..الحمدلله …
كان شريف يتمتم بخفوت وهو يمسك الشيكات …نظرت إليه عبير وقالت بنبرة صلبة :
-دلوقتي فهمت … طلبك اني اتجوز عدي مش بس عشان جواهر …ده كمان بسبب الشيكات اللي ماسكها عليك …اخدتها خلاص …
نظر شريف إلى ابنته ولكنه لم يهتم بالرد عليها بل مزق الشيكات وألقاها بسلة القمامة وهو يشعر أنه يتحرر من شئ بغيض كان يجثم على قلبه …أخيراً هو حر …أخيرا لن يؤ ذيه عدي بعد الآن …أراد الصراخ بسعادة ولكن وجود ابنته الآن وكم التبريرات التي مضطر لتقديمها عكرت.مزاجه ولكنه يجب أن يكمل اللعبة للآخر فبالإضافة إلى أن عدي يهد ده بجريمته كمزور …عدي الآن يمتلك منزله وقادر في اي وقت على طرده ويجب أن تتزوجه عبير لكي يكتب المنزل بإسم عبير ويستعيده ….
-ممكن ترد عليا وانا بكلمك يا بابا ؟! طلبك مني اني اتجوز عدي عشان الشيكات مش عشان خايف على جواهر صح ؟!!معقول انت اناني للدرجادي …
تنهد شريف ونظر إليها بوداعة وقال:
-عشان الاتنين يا بيري …ما اهو أنا لازم استفاد…أنا خايف على جواهر واتفقت مع عدي أنه يتجوزك ويسامح. جواهر ويسامحني واخد كمان الشيكات يعني أحنا اللي كسبانين يا عبير وبعدين عدي راجل غني ..أنتِ ممكن تستفادي منه !
أشاحت عبير وجهها بقرف عنه وقالت :
-انا مش عايزة اتناقش معاك تاني يا بابا …خلاص الموضوع انتهى كده …أنا كده كده عايشة معاك في جحيم …حياتي مع عدي مش هتكون أسوأ من حياتي معاك …أنا هتجوزه عشان ابعد عنك ….
ثم تركته وغادرت…
…..
ولجت عبير لغرفتها وتسطحت على الفراش والدموع تتجمع بعينيها لقد اشتاقت لأمير …لقد رأت الإ نكسار في عينيه عندما أخبرته أنها سوف تغادر مع والدها …قلبها يتأ لم بشدة وهي بعيدة عنه …كم ترغب أن تذهب إليه الآن وتعانقه وتخبره أنها لن تحب غيره ابداً…
أغمضت عينيها محاولة النوم والهروب من أفكارها ومن كل ما يدور حولها ولكن رنين هاتفها جعلها تنتفض من مكانها ..نظرت للهاتف لتجد المتصلة جواهر !!!
فتحت الهاتف بسرعة وقالت بلهفة :
-جواهر …جواهر فينك قلقتيني عليكي !!!
-انا عمري ما شوفت أحـ قر منك …أنتِ إنسانة ناكرة للجميل!!!!
صرخت بها جواهر بقوة عبر الهاتف …
-جواهر !!!
رددت عبير بصدمة لتصرخ بها جواهر:
-اخرسي …اخرسي …متتكلميش …اياكِ تبرري حقا.رتك وندالتك معايا !!
اختنق صوتها وقالت:
-هتتجوزي عدي ؟!
انسكبت دموع جواهر الحارة على وجنتيها واكملت وهي تبكي :
-أنا بحبه …محبتش غيره …وأنتِ رايحة تتجوزيه ..وأنتِ عارفة اني بحبه !!!!هو ده جزائي اني ساعدت واحدة زيك …اتحملت كتير عشاني …دي مكافأتي يا عبير ؟!!
-ممكن بس تسمعيني …اسمعيني يا جواهر صدقيني أنا عملت ده …
-أسكتي اسكتي متبرريش حاجة …هتبرري ايه ؟!خلاص هتتجوزي عدي …هتسر قي مني الراجل اللي بحبه …اتجوزيه وابني حياتك على تعاستي بس اعرفي أن من اليوم ده ملناش اي علاقة ببعض …أنا مش عايزة اشوف وشك تاني أبداً…وبتمنى انك تبقي تعيسة طول حياتك…سلام يا بيري!!
ثم أغلقت الهاتف بوجهها لتنظر عبير إلى الهاتف بذهول ودموعها تتساقط ….
..
من الناحية الآخرى …
بعد أن اغلقت جواهر الهاتف سقطت على أرضية مركز التجميل الأنيقة وانفـ جرت بالبكاء …كانت تبكي بطريقة هيستيرية وهي تشعر ان قلبها ينزف …لماذا فعلت بها هذا لماذا؟!هل هذا جزاؤها لأنها ساعدتها …هل هكذا تكافئها …تتزوج ممن تحب هي …
-هموت….هموت …
قالتها جواهر وهي تضع كفها على قلبها بينما تشعر بأ.لم شديد به …كانت بحمام مركز التجميل وهي جالسة وتبكي …فجأة فتحت ميريهان الباب وتجمدت وهي ترى جواهر تبكي بتلك الطريقة …شهقت وهي تضع كفها على صدرها وتقول :
-جواهر مالك ؟!!
ولكن جواهر لم تنظر إليها واستمرت في البكاء بطريقة تكسر القلب …
اقتربت منها ميريهان وضمتها وهي تقول:
-مالك بس يا حبيبتي مالك ؟!
ولكن جواهر لم ترد واستمرت تبكي بعنـ ف !!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
يوم كتب الكتاب ….
وقفت السيارة الخاصة التي بعثها عدي ليحضر عبير ووالدها إلى القصر لكتب الكتاب …كان شريف يمسك كف ابنته وهو يمشي بينما ينظر حوله بذهول …من هؤلاء ..وكيف سمح لهم عدي بالحضور…كان عدد المدعويين كثيراً نوعا ما ولكن يبدو أن معظمهم من الطبقة المتوسطة أو الفقيرة…لم يكن هناك أي أحد واضح عليه الثراء ..نظر شريف إلى ابنته بذهول وقال:
-هو ايه اللي بيحصل ده ؟!
لم ترد عليه عبير وراحت تنظر حولها بتوتر …شعر شريف بأن هناك شئ خاطئ …ربما الأمر خد عة من عدي …لقد أخذ منزله ولن يتزوج ابنته …رباه هل معنى هذا أن عدي قد يطر د شريف من المنزل هو وابنته…هل سيفعلها …هل تمكن منه الحـ قد لتلك الدرجة !!!العديد من الأفكار السـ يئة كانت تعصف بعقل شريف …أخذ قلبه يدوى داخل صدره وهو يدعو الا يتصرف عدي بشكل خسيس
-أنا حاسس ان فيه حاجة غلط ؟!
قالها شريف بإختناق …شعر أن العالم يدور به وهو يرى الناس في قصر عدي …لماذا احضرهم إلى هنا أما أنه يريد اها نتهم أو هو كريم الي حد الغبا ء !!!
ولكن تنهد براحة وهو يجد في منتصف الحديقة طاولة كبيرة …عليها مفرش ابيض مثبت به زهور بيضاء صغيرة والشيخ يجلس على المقعد وعدي يجلس على المقعد بجواره…
ابتسم عدي ما أن رأهم وقال:
-تعالوا يا جماعة ..تعالوا
جذب شريف كف ابنته وهو يجلسها على مقعد بعيد نسبيا ويجلس هو بجوار الشيخ …ابتسامة سعيدة تزين شفتيه …سوف يتزوج عدي ابنته أخيراً…هذا كان حلم سعى كثيراً لتحقيقه …
-لما دخلت وشوفت الناس حسيت ان فيه حاجة غلط يا عدي …بس الحمدلله انت اهو …
شعر على ملامح شريف الانزعاج لبرهة وقال بإستياء:
-ليه عزمت الناس دي يا عدي يا بني …دوول مش من مستواك !!
كان عدي ينظر إليه مبتسماً وقال:
-بس أنت بقيت من مستواهم يا شريف …أنت دلوقتي مفلس على الآخر !!
تجهم شريف ليكمل عدي:
-الناس دوول يبقوا أهل وجيران العريس ولازم يحضروا كتب كتابه …
تجهم.شريف أكثر وقال:
-أهلك ازاي يعني ؟!أنا اللي اعرفه انك من عيلة غنية أبا عن جد …
ضحك عدي وقال بتشفي:
-هو أنا مقولتلكش ؟!مش انا العريس يا شريف أنا مجرد شاهد مسكين … …العريس أهو …
ثم أشار إلى أمير الذي ظهر مرتديا حلة رمادية ..وعينيه الذهبية تلمع بشدة وهو ينظر إلى عبير بينما خلفه تحية مع أبناؤها الاثنين ورجل يبدو أنه زوجها ….
نهض شريف وقال:
-ايه الهزار ده يا عدي؟!مين ده اللي هيبقى جوز بنتي ؟!ده ميكانيكي. ..
ابتسم عدي بخبث وقال:
-حاسب يا شريف بيه الميكانيكي اللي مش عاجبك ده بقا البيت اللي انت عايش فيه ملكه أنا كتبت البيت بإسمه خلاص وهو اللي هيسمح إذا كنت هتعيش فيه ولا لا …يعني لو متجوزش بنتك هيطر.دكم الاتنين من البيت وطبعا أنا مش هتردد ابلغ عن التز وير بتاعك وتبقى اتقفلت من كل الجهات يا شريف ..ها هتكتب الكتاب ولا لا ..كل حاجة جاهزة المأذون والشهود والعريس وإذا كان على كون ان عبير مراتي قانونا أنا فسخت العقد خلاص ..يعني مفيش اي مانع عشان يتجوزوا ….
لم يكن لدى شريف اي حل اخر ..لقد شعر أنه محاصر ….لقد استطاع عدي أن يحاصره ..
خد عه وانتقـ م منه جيداً….
اتجه بخطوات ضعيفة إلى الطاولة ثم بدأ المأذون بكتب الكتاب ….
….
انتهى كتب الكتاب وأصبحت ابنته زوجة هذا الميكانيكي رسميا …فكر بإنزعاج …شعر بالاختناق …كان صدره يضيق والنير ان تشـ تعل بصدره…كل ما أراده أن يحـ طم فك عدي الذي كان يبتسم له بتشفي….
نهض ليغادر قبل أن ينفجر الا ان عدي أوقفه وقال:
-صحيح يا شريف …شركة العدل للمقاولات اللي أنت شريك فيها بنسبة عشرة في المية من الأسهم أنا اشتريتها يعني أنا اللي دلوقتي شريكك بنسبة تسعين في المية وليا حق التصرف في الشركة وقررت أبيعها خلاص واديلك حقك …الفلوس اللي استلفتها من عواد السيد فالحق رجعهالوا قبل ما الفلوس تتصرف وعواد مش هيقبل تسوية معاك ده هيحبسك علطول ….
احتشدت الدموع بعيني شريف وقال بصوت ضعيف:
-ليه…ليه عملت كده ..ليه تأ ذيني …
ابتسم عدي وقال :
-العين بالعين والسن بالسن والبادئ هو الأظلم.يا شريف …مادام لعبت مع عدي رشيد يبقى تستحمل اللي يحصلك!!!
يتبع